الخلافة في منظور القومية العربية الزائفة – أبو يعرب المرزوقي

Abou Yaareb thumbnail10887995_1525505701060696_441681945_n

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله
الخلافة
في منظور القومية العربية الزائفة

أبو يعرب المرزوقي

تونس في 17-06- 1439/ 06-03-2018 

لما أسمع عربيا يعادي تركيا ويتهمها بأنها تحلم باسترجاع الخلافة أعجب شديد العجب. ذلك أنه كان يمكن أن أفهم مثل هذا الكلام لو كان هذا العربي له مشروع قومي بحق يخاف عليه من الخلافة.
لا أفهم محميات في مرحلة القبلية تدعي الخوف على العروبة: أي عروبة ولا حرب لكم إلا على بعضكم البعض؟
فكلنا يعلم أن أهم دوافع حاجتكم إلى القواعد الاجنبية علتها خوفكم من بعضكم البعض وغدركم لبعضهم البعض وما من محاولة عربية لتكوين قوة محترمة يمكن أن تردع الأعداء يكون أول مخربيها ومهدميها ومحالفي كل أعدائها منكم وليس من غيركم. تجاوزت السبعين ولم أر حربا حقيقية إلا بينكم.
هل يوجد ملاحظ استراتيجي جدي يصدق أن السعودية ستحارب إيران؟ وأن الجزائر ستحارب فرنسا؟ وأن مصر ستحارب إسرائيل؟ وأن سوريا التي تدعي المقاومة ستحرر الجولان؟ إلخ..
كل العرب لا تربص لهم إلا بأجوارهم العرب. فلم أذن يبحثون عن عدو ثالث -تركيا-وهم أعجز من مواجهة نملة غير عربية؟
هل يمكن لجيوش لم نرها فالحة إلا في كبت شعوبها والتنكيل بها يمكن أن تكون قادرة على حماية الأوطان أم أن أي جيش هجم عليه-لأنهم لا يبادرون أبدا-لم يصمد أكثر من ربع ساعة؟
وهذا الغر الذي أعجزته قبلية الحفاة والعراة من الحوثيين رغم إفقاره شعبه في شراء السلاح، كيف له أن يتنمر على تركيا؟
ألأنها ساهمت في منع حرب بين العرب في الخليج صارت عدوا؟
أما كان من الواجب شكرها على أنها حاولت الدخول بالحسنى بينهم واستعملت حكمة الرسول الذي قال اعقلها وتوكل فأرسلت حامية تحول دون البلاكووتر وغزو قطر؟
هل ما زلنا نسمع أحفاد لاورنس العرب والدس بينهم وبين الاتراك؟
ومهما حاولت أن أفهم لا يمكن أن أفهم مجرم دمشق الذي يساعد علمانيي الاكراد على تفتيت بلاده ويحارب تركيا التي وإن كان دافعها ذاتيا وهو حماية وحدتها وحدودها فهي مع ذلك بما تفعل تمكن سوريا من البقاء موحدة لئلا يأخذ هؤلاء الإرهابيون أفضل ما في سوريا من أرضها وثرواتها؟
وكنت في الربيع الماضي أعجب من عنتريات طرطور بغداد يهدد بالتدخل العسكري ضد حامية تركيا في تل اعفر وجل بلاده بل وعاصمته تحتلها مليشيا “زورو” إيران الذي يتبختر أمامهم وكأنهم عواهر تحت سلطة قواد ثم يتكلمون على وحدة العراق وسيادته؟
أي عرب هم هؤلاء؟
هل سيفرضون علينا خفض رؤوسنا؟
وكنت سأفهم رغم عدم موافقتي لو أن هؤلاء الحانقين على تركيا فعلوا ذلك باسم أولوية العرب في دعوى تمثيل الإسلام-وهي دعوى لا يقرها الإسلام لأنه دين كوني كل شعب ينتسب إليه من حقه أن يطمح لتمثيل مشروعه-لكنهم هم أقل الناس إرادة لهذه الرسالة فضلا عن القدرة عليها.
لو جلت بالنظر من الماء إلى الماء لوجدت أن كل قطر عربي لا يوغر صدره إلا على جاره العربي: القذافي خلال أربعين سنة فتت السودان (مول جارنج) وحاول تفتيت المغرب (تمويل الصحراء) وبقيت العداوة بين المغرب والجزائر إلى يومنا هذا فيخطبان ود لوبيات إسرائيل ليربحا معارك ما أتى الله بها من سلطان.
ولما قامت الحرب بين العراق وإيران كان أكبر حليف لإيران النصف الثاني من حزب البعث فأصبحت سوريا حليفا للملالي الذين نراهم الآن أكبر معول يقضي على كل حضارة سوريا. وهما البلدان اللذان يرفعان شعار العروبة. هل يمكن إن يوجد غبي وساذج يصدق مراقين يتكلمون باسم العروبة؟
لا أفهم كيف خلف جيل يحارب الإسلام باسم العروبة والحداثة جيلا سالفا كان يحارب العروبة باسم الإسلام والاصالة: صارت العروبة والحداثة شعارين لنفس الخيانة التي كان شعارها الإسلام والأصالة؟ من يخدمون بهذه الخيانات؟ حتى الكراسي لن تحميها هذه الخيانات لأن الشعوب عاد إليها الوعي.
ذلك من فضل الله ومن فضل الشباب بجنسيه. فقد نفذت ثورة التحرر والتحرير كل القلوب وفضحت كذبة الممانعة وكذبة التأصيل وكذبة التحديث وعرت نهائيا حقيقة العمالة والنذالة والسفالة التي هي الصفات المشتركة بين الملالي والقبائل والعشائر العربية وكل الطائفيين من الفتنتين الكبرى والصغرى.
هل يوجد عربي واحد صادق ومسلم واحد مؤمن بحق بقيم الإسلام يمكن أن ينتظر خيرا من مراهقي الخليج، اللذين يقودان بلديهما إلى الإفلاس ويمكن لهما بمحالفة أكبر عميل لإسرائيل أخرج الكنانة من التاريخ ومثله حبيس قصره في دمشق وحبيس المنطقة الخضراء في العراق، أن يصدر عنهما خير للعروبة والإسلام؟
كيف لمن يتنازل على قطع من بلاده الواحدة تلو الأخرى وعن شريان حياة بلاده كيف يمكن أن يعتمد عليه في حماية أرض الحرمين وهو لا حرمة له ولا احترام لأنه صار من حريم ناتنياهو؟
وكيف لحفتر الذي خان جيش بلاده وسلم شباب ليبيا لعملاء فرنسا في التشاد أن يدعي حماية وليبيا وقيادة ثورتها؟
هؤلاء هم الحلفاء الذين يهاجمون تركيا ويدعون مقاومة ما يصنعون الإرهاب ثم يتهمون خير أبناء وطنهم به فيصبح علماء مثل القرضاوي ارهابيا وكل شباب الأمة الذي أحيا فيها روح الحرية والكرامة وأخرجها من الاستثناء ليدخلها العصر ويمكنها من قيم الإسلام والحداثة الكونية؟
وعلى كل، فلا يمكن لأي عاقل أن ينتظر خيرا من محميات أنشأتها بريطانيا وفرنسا وصارت صفين بعضها يحتمي بالذراع الصفوية والبعض الآخر بالذراع الصهيونية. وكل من يدعي أنه مستقل وذو سيادة فهو يكذب على نفسه ممن يتصورون أنفسهم قوى كبرى سواء كانوا في المغرب أو في المشرق.

أضف تعليق