معركة ‘الذيل’ أو محاولة الإطاحة بهيئة الحقيقة والكرامة – أبو يعرب المرزوقي

معركة ‘الذيل’
أو محاولة الإطاحة بهيئة الحقيقة والكرامة

أبو يعرب المرزوقي

تونس في 26 . 11 . 1436 – 10 . 09 . 2015


Abou Yaareb thumbnail10887995_1525505701060696_441681945_n


لتحميل المقال أو قراءته في ص-و-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص




مقدمة

تعد المناورة الأخيرة للإطاحة بالهيئة الدليل الكافي على أن النظام المحتضر فشل في ما تقدم عليها من مناورات وأهمها وأكثرها فضحا لطبيعته هي قانون المصالحة المزعوم. فهو بها يبين أنه قد وصل إلى مرحلة اتهام نفسه بما تغافل عنه الجميع بل وتسامحوا معه لما قبلوا بالمراحل التي أوصلته إلى أن يعيد تونس إلى مرحلة احتضار النظام البورقيبي : أن تصبح تونس تعاني من “رأس القرتلا الخامج” ومشكل الخلافة في النظام.
لما كتبت في ربيع سنة ألفين عندما اشتدت أزمة التحوير الدستوري للتمديد لابن علي كتبت نصا عينت فيه طبيعة الأزمة وبينت أن المعارضة حينها كانت تدعي كذبا أنها قادرة على حكم تونس من دون شرطي الحكم :

  • التمثيل الحقيقي لقاعدة شعبية يمكن أن تحكم بشرعية الأغلبية بعد الحرب الأهلية الصامتة التي كانت جارية بين الإسلاميين والتجمعيين.
  • السيطرة الفعلية على أجهزة الدولة التي تمكن الشرعية التي يرتضيها الشعب من أن تستعملها بمقتضى الشرعية من دون أن يكون فيها ما يعطل عملها.

واقترحت حينها مرحلة انتقالية لدورة أو دورتين تمكن من تجديد الطبقة السياسية التي كانت حينها ولا تزال إلى الآن ليست فاسدة فحسب بل وكذلك عاجزة عن إدارة الشأن العام من دون استبداد وفساد.
وقد وضعت لذلك خمسة شروط يمكن لا بن على أن يواصل الحكم إذا حققها بسبب هيمنته على أدوات الحكم حينها : أي الأجهزة والإدارة وحتى المافيتين اللتين تقاسمانه السيطرة على مقدرات البلاد : أي أرباب العمل والاتحاد.
ذلك أني كنت أعجب من منطق المعارضة في ذلك الوقت وأهزأ من أحلام الأحزاب الذرية التي كان أصحابها يتصورون أنفسهم قادرين على حكم البلاد وتبينت صحة رؤيتي مباشرة بعد أن توفرت لهم الفرصة فكانوا من أسخف الساسة والنخب بدليل أنهم هم الذين أعادوا ما يشتكون منه اليوم وخرجوا بخفي حنين في التجربتين الانتخابيتين اللتين حصلتا بالفعل.
ومعنى ذلك أن الثورة بينت أن مشكل تونس لا يزال هو هو :

  • نخبة سياسية (ممثلة الإرادة)
  • وجامعية (ممثلة العلم)
  • واقتصادية (ممثلة القدرة)
  • وثقافية (ممثلة الذوق)
  • ووجودية (ممثلة الرؤى الفكرية فلسفيا ودينيا)

كلها تتصور الحكم مسألة أحلام وليست واقعا عصيا على التعقيل لكونه يجمع بين شرعية شعبية (ليست لأي منهم) وشوكة أو قدرة على إنفاذ الشرعية في الواقع الفعلي (وكلهم لا يمثل واحد في المائة من الشعب) فضلا عن نقصان الخبرة والاطلاع على أوضاع البلاد وشروط السيادة حماية ورعاية.
ولا حاجة للإطالة في الكلام على ما وضعته من شروط للسماح بالتحوير الدستوري الذي يمكن ابن علي -ذلك أن المهم ليس من يحكم بل كيف يحكم وما الغاية من الحكم- من مواصلة الحكم لدورة أو دورتين أخريين بالشروط التي تحقق نقلة سلمية للحياة الديموقراطية المتوازنة.
يكفي التذكير أنها تعلقت بـ :

  1. فصل الدولة عن الحزب
  2. والعفو التشريعي العام
  3. والسماح بتكوين أربعة أحزاب أخرى مع الحزب الحاكم (الإسلامي والقومي واليساري والليبرالي)
  4. وتمكين جميع العائلات السياسية من نفس الحقوق في ممارسة العمل السياسي العلني بما يقتضيه من حق الاجتماع والتعبير والاحتجاج السلمي.
  5. والحد من سلطات النظام الرئاسي مع تنظيم انتخابات حرة ونزيهة لانتخاب برلمان ذي شرعية يساعد النظام في تحقيق التحول الموعود في برنامج السابع من نوفمبر والذي لم يتحقق منه شيء حينها.

وإلى الآن حتى بعد ما أتم ابن علي عقدا آخر وحاولت الثورة لمدة نصف عقد فإن المشكل ما يزال عين المشكل : طبقة حاكمة مستبدة ومتحالفة مع الفساد المادي (النخبة الاقتصادية الطفيلية) والرمزي (النخبة الثقافية الطفيلية) والجميع لا يهتم بالشرعية الشعبية بل يكتفي برضا المستعمر عليه في حربه على ثقافة الشعب وحقوقه.

الحقيقتان اللتان يراد بهما الباطل

وهذه الشروط الخمسة هي تقريبا الأمر الوحيد الذي كنا نتصور ان الثورة قد حققته على الأقل على الورق فجعلته مطلبا شعبيا يصعب التنصل منه أو افتكاكه مهما حاولت المافية العودة بحقائق يراد بها الباطل إلا إذا ألغت الدستور الجديد الذي يضمن هذه الحقوق.
ولا يمكن أن يتحقق الباطل باستعمال الحقيقتين التاليتين إلا بإعادة الشعب إلى مناخ الخوف والتردد في الدفاع عن هذه الشروط :

الحقيقة الأولى التي يراد بها الباطل : الحرب على الإرهاب.

فلا أحد ينكر أن تونس يتهددها ما يتهدد محيطها. لكن التصدي للإرهاب معركة الجميع ومن ثم الحريات السياسية هي التي تساعد على النجاح فيها وليس الحد منها بالعودة إلى سياسة إرهاب الدولة.

الحقيقة الثانية التي يراد بها الباطل : تدارك الأزمة الإقتصادية.

ولا أحد ينكر أن هذه الآثار وليست وحدها جعلت تونس تعاني من أزمة اقتصادية خانقة. لكن التدارك يقتضي التوافق الاجتماعي والجهد الجماعي لا حصر المسألة في الحد من الحريات الاجتماعية والمطالبة بإطلاق أيدي اللصوص الذين هم سبب المأزقين : الإرهاب والازمة الاقتصادية.
لكني سأكتفي اليوم بالكلام في المأزق الأول. وقد أعود إلى المأزق الثاني وإرادة الباطل من ورائه كحق وخاصة الحلول الزائفة التي تقدم بالاعتماد على آراء خبراء مزيفين ودجالين في الاقتصاد والاجتماع وشروط اللحمة الجماعية التي يهدمونها في زعمهم بناء دولة الحماية والرعاية الوطنية.
ذلك أن مسألة التدارك الاقتصادي وتحقيق التنمية الملائمة لما أظهرته الثورة من تقصير العقود الستة الماضية فضلا عن عقود الاستعمار والانحطاط لا يمكن علاجها من دون حسم العوائق الأساسية التي تحول دون التحليل العلمي والإقدام العملي في علاجها بسبب ما يلجأ إليها المسؤولون عنها من حيل للتهرب من استحقاقاتها وأولها المحاسبة التي يريدون بكل الطرق منعها.

معركة الإلهاء “الديفارسيون”

وحتى يغطوا على هذين الباطلين يعيدون البلد إلى معركة مفتعلة تجاوزها الشعب ويريد الحزبان المتحالفان -التجمع واليسار الاستئصالي- إعادته إليها هي المعركة ضد ثقافة الشعب ومسألة الهوية وصلا بين الإرهاب وهذه الثقافة.
فهذان الحزبان المتحالفان والمسيطران على الحكم والمعارضة في آن اكتشفا أن الثورة والمرحلتين الانتخابيتين أفقدتهما أهم مبرر لسياستهما :

  • تحديث المجتمع والدولة.
  • تنوير العقول والشعب.

ذلك أن الثورة عرت المذابح وبينت أنهم لم يحدثوا لا المجتمع ولا الدولة ولم ينوروا عقولا ولا شعبا بل استعملوا شعارات لتبرير الاستبداد والاقصاء ليس الثقافي فحسب (لمن يرفض التبعية الفرنسية) بل والاقتصادي (للمناطق المحرومة).
وهذه حقيقة بات الشعب على بينة منها بدليل ما أثبته عندما تمكن من التعبير الحر عن أرداته : فالشعب بالثورة وبالمرحلتين الانتخابيتين بين بصورة حاسمة أنه يرفض هذين النوعين من الإقصاء معبرا عن سعيه للصلح بين ثقافته والحداثة والعدل بين مناطق البلاد دون تمييز.
تلك هي المطالب التي يريدون تلهية الشعب عن السعي الحثيث لتحقيقها سلميا بإرجاع خرافات الحرب على الظلامية والهوية وإغلاق المساجد والكتاتيب وهلم جرا من سخافات يسار يعيش في روبافيكيا القرن التاسع عشر الإيديولوجية.
لكنهم باستئناف الحرب على الحقوق الثقافية للجماعة أي على القيم الخلقية والدينية التي يعتبرونها خطرا على ما يسمونه المكتسبات الحضارية للقلة التي استحوذت على الدولة من احتضارها الأول (قضية خلافة بورقيبة) إلى احتضارها الحالي (قضية خلافة السبسي) يحاولون قلب الأوليات ومنع الشعب من تحقيق ما يعلقه من آمال على الجمهورية الثانية.
وهذه المعركة النكوصية هدفها التغطية عن المعركتين الأوليين اللتين وجدوا أن الباطل المراد منهما غير قابل للإخفاء إلا بمعركة تأكل الأخضر واليابس.
ولما وجدوا أن الشعب وعلى الأقل الحزب الذي يمكن أن يستفز بمثل هذه السياسة قد فهم اللعبة ففوت عليهم ما كانوا ينتظرونه من الاستفزازات اضطروا إلى المجابهة المباشرة لما كان سيبين الباطل وراء الكلام على الحق في المسألتين الأوليين أي في الإرهاب وفي الملف الاقتصادي والمحاسبة التي تتعلق خاصة به لأن العدوان على الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية كان كله بسبب الاستبداد والفساد اللذين يريدون التغطية عليهما من خلال معركة الذيل (أريار قارد) ضد هيئة الحرية والكرامة.

الباطل الأول : معركة الإرهاب.

أريد بمناسبة معركة الحق التي يراد بها الباطل -معركة الإرهاب- أن أفصل مكوناتها حتى يتبين الحق من الباطل فيها بمجرد تحليل آليات استعمال الإرهاب أداة للحكم سواء محليا أو دوليا.
فالإرهاب مخمس الأضلاع. والمخمس يوجد حقا لكنه يستعمل للباطل في الغالب لتشويه ما يبدو مثيلا له شكليا رغم الفرق الجوهري كما سنرى.
ولأبدأ فأشير إلى مناط الاستعمال من أجل الباطل ببيان ما يشوه به بالاعتماد على الالتباس في مفهوم الإرهاب:
فتعريف الإرهاب بكونه استعمال العنف لتحقيق هدف سياسي ليس جامعا ولا مانعا. ومن ثم فهو يمكن من أن يضموا إليه الدفاع الشرعي ضد الاحتلال (حركات التحرير) أو ضد الاستبداد (حركات التحرر) لأنها تحقق أهداف سياسية بالعنف بسبب استحالة الوصول إليها بالسلم.
ذلك أن مفهومي الاستعمار والاستبداد هما بحد ذاتهما عنف ولا يمكن رد العنف اللاشرعي إلا بالعنف الشرعي.
ومعنى ذلك أن المغالطة مناطها هو عدم إضافة مفهوم الشرعية في التعريف – فيكون التعريف : الإرهاب هو استعمال العنف لتحقيق هدف سياسي غير شرعي.
ولما كان التحرير من الاستعمار والتحرر من الاستبداد هدفين سياسيين شرعيين فإن عنف مقاومة الاستعمار والاستبداد يخرج من التعريف الملتبس.
ولنأت الآن إلى منظومة الإرهاب وشبكته مم تتكون وكيف تعمل.
إنها منظومة مخمسة الأضلاع كما أسلفنا وهذه شبكتها :

  • ضلعان أصليان : العقدي والمافيوزي.
  • ضلعان تابعان لهما : المستفيد من العقدي ومن المافيوزي.
  • والضلع الخامس هو التحريف السياسي للعنف الشرعي الذي تنفرد به الدولة وجعله عنفا للدفاع عن اللاشرعية إما الاستعمارية أو الاستبدادية وذلك ما قصدنا بالحق الذي يراد بها الباطل.

الدولة الشرعية لها حق استعمال العنف الشرعي أي ما يمكن من تطبيق القانون الشرعي. لكن التحريف السياسي يستعمل العنف الإرهابي أي الأصناف الأربعة جميعا في خطة سياسية واستراتيجية لما يسمى بالريال بوليتيك أو “بمصلحة الدولة” (ريزون ديتا) محليا وإقليميا ودوليا وخاصة في سياسة الدول الإمبراطورية التي لها سلطان عالمي. وهذا النوع الخامس هو الذي يريد الباطل من الحقيقة.

أضلاع شبكة الإرهاب وتشابكها

الضلعان الأصليان :

إرهاب أصلي عقدي:

والقصد استعمال العنف للحصول على السلطة : هدف سياسي غير شرعي لأنه ليس مقاومة للاستعمار ولا للاستبداد بل بالعكس هو سعي لإزالة نظام شرعي أو للاستعمار.
وهو يوجد في كل الحضارات وفي كل مراحل التاريخ الإنساني لأنه من مقومات السياسة الهجومية وقد يكون بالفعل أو بالقوة (لأن التهديد بالقوة لا يفعل إلا لأنه قابل لأن يتحقق بالفعل).
ويمكن أن يكون سنده العقدي دينيا (جميع الأديان : اليهودية والمسيحية والإسلامية والبوذية) أو علمانيا (جميع العلمانيات الفاشية والشيوعية والليبرالية) وهدف أصحابه تحقيق أهداف سياسية بالعنف وأهمها طبعا هو الحصول على السلطة.

إرهاب أصلي مافيوزي :

والقصد استعمال العنف للحصول على الثروة : هدف اقتصادي غير شرعي لأنه ليس للدفاع عن الملكية الخاصة أو العامة بل للافتكاكها بالحوز العنيف.
ويوجد في كل المجتمعات وفي كل العصور (ويمثله في حضارتنا ما يسمى بالحرابة) تريد أن تحقق أرباحا اقتصادية ومادية بالعنف عند الضرورة (والتهديد بالقوة عنف حتى وإن لم يستعمل لأن المافيا تحصل على ما تريد بالتهديد ولا تنفذ إلا عند التلكؤ).

الضلعان التابعان

إرهاب تابع للنوع الأول:

ويتألف من صغار العقديين وهم جيش كبارهم في استعمال العنف السياسي. ويشمل كل من يمكن أن ينضم إليه إما لمنافع مادية (هو مافيوزي يتخفى بالعقدي) أو لخصائص نفسية (له ميل للعنف مع بحث عن غطاء يبدو له حائزا على شرعية ما).

إرهاب تابع للنوع الثاني :

ويتألف من صغار المجرمين وهم جيش كبارهم في استعمال العنف الاقتصادي. ويشمل كل من يمكن أن ينضم إليه إما لمنافع مادية (وهو مافيوزي جبان يحتمي بكبار المافية) أو لخصائص نفسيه كذلك (لا يكون إلا أداة لمافيوزي يقوده).

الضلع الخامس

إرهاب المخابرات الذي يوظفها جميعا ويعمل من ورائها كلها باختراقها واستعمالها لصالحه ليس من أجل حماية الشرعية (وهي وظيفة ضرورية في كل دولة) بل من أجل حماية اللاشرعية.
وهو إرهاب الأنظمة التي هي المافية الرئيسية المؤلفة من أصحاب المال والسلطة غير الشرعيتين والتي تسيطر على العالم مباشرة وبممثليها في الدول التوابع لها.
والمثال هو ما عشناه منذ ما يسمى بالاستقلال وما تأكدنا من طبيعته بفضل فضح الثورة لهم: تكشير الثورة المضادة على أنيابها في الوطن العربي ما جعل أفاعيلها في الشعوب أكثر إجراما وفتكا مما فعله الاستعمار المباشر نفسه.

منطق انتساج ظاهرة الإرهاب

وحتى نفهم الظاهرة وكيف تنتسج بنية الإرهاب العامة بقيادة النوع الخامس الذي هو سلطان الحكم السياسي والاقتصادي غير الشرعي وطنيا وعالميا فينبغي أن أقدم الملاحظتين التاليتين:

الملاحظة الأولى :

تتعلق بتشويه ما يشبه النوع الأصلي الأول رغم أنه ليس من جنسه:
فالاستعمار وعملاؤه يسمون حركات التحرير التي تقاومهم سابقا وحاليا إرهابا ويخلطونها بالنوع الأول قصديا معتمدين على التعريف العام الملتبس :
استعمال العنف لتحقيق غرض سياسي.
ولا يفرقون بين استعمالها ضد النظام ذي الشرعية واستعمالها للدفاع الشرعي بنوعيه :

  • كل مقاومات الاحتلال الاستعماري وحركات التحرير وصفت بالإرهاب.
  • كل الثورات ضد الاستبداد وحركات التحرر وصفت بالإرهاب.

ولا تعجبوا إذا جاءت اللحظة التي سيقول فيها النظام الحالي واصفا ما حدث بين 17 ديسمبر و14 جانفي إنه كان حركة إرهابية أطاحت بنظام شرعي وهم يستعيدونه بما يسمونه هيبة الدولة.
والدليل بين لكل ذي عقل : فهم يؤيدون السيسي وبشار وحفتر وصالح. ولو استطاعوا لفعلوا مثلهم. وإذن فعندهم أن ما حصل كان إرهابا وأنهم جاءوا لإرجاع المياه إلى مجاريها وكانوا سيجيؤون كرها لو لم يقبل به الشعب طوعا.
ومن ثم فقانون المصالحة وضرورة ضرب الهيئة جزءان لا يتجزآن من هذه السياسة.

الملاحظة الثانية :

تتعلق بتجميل النوع الأصلي الثاني :
فالاستعمار (ضد حركات التحرير) والأنظمة غير الشرعية (ضد حركات التحرر) تستعمل النوع الثاني وتعتبره وسيلة شرعية في فرض سلطانها على المستضعفين لتشويه المقاومة والديموقراطية أي لجعل إرادة الشعب خاضعة للخوف وقابلة لكل ما يفرض عليها مقايضة حتى تضحي بالحقوق من أجل الأمن.
كيف ذلك إنه يعمل بمنطق حصان طروادة لإفساد حركات التحرر من الاستعمار أو من الاستبداد.
ومن ثم فالنوع الثاني بتوسط النوع الرابع يتسلل للنوع الثالث حتى يخترق ما يراد خلطه بالنوع الأول لوجه الشبه بينهما: فكل مقاومة شرعية قابلة للمقارنة بالعنف العقدي إذا إهملنا شرط الشرعية.
لذلك فيمكن تشويهيها بهذه الطريقة وتسهيل القضاء عليها بتبرير خلطها مع النوع الأول: وذلك ما يحصل الآن في الهلال الخصيب وفي كل بلاد الربيع العربي.

الخاتمة

وإذن فوظيفة النوع الخامس تحريف لمهام الدولة التي تنتقل من حماية الشرعية بالعنف الشرعي إلى حماية اللاشرعية بالعنف غير الشرعي:
وذلك هو الحلف بين السلطتين السياسية والاقتصادية غير الشرعيتين.وهذا الحلف يستعمل تابع النوع الثاني (الرابع) ليندس في تابع النوع الأول (الثالث) الذي يندس في المقاومة للاستعمار أو للاستبداد وبذلك يراد الباطل بالحق :

  • الحق هو الدولة الشرعية هي التي تدافع بالعنف الشرعي على الشرعية : إذا كانت وطنية بحق.
  • الباطل هو الدولة غير الشرعية و العميلة أو الدولة الاستعمارية التي تسمي من يقاومها إرهابيا

وهذا التشويه يسهل القضاء على الثورة (التحرر من الاستبداد) أو المقاومة (التحرير من الاستعمار) : فيصبح الاستعمال الشرعي للدفاع عن النفس سواء ضد الاستعمار أو ضد عملائه أي النظام المستبد والثورة المضادة موصوفا بالإرهاب.
وذلك ما نعيشه في كل بلاد الربيع العربي. وهو ما أقصده بإرادة الباطل من الحقيقة في مسألة الإرهاب.


معركة ‘الذيل’
أو محاولة الإطاحة بهيئة الحقيقة والكرامة

أبو يعرب المرزوقي

wpid-fb_img_1425908597217.jpg


يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic
بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


أضف تعليق